فصل في رؤيا البحار

رؤيا البحار
وهي على أوجه وللمعبرين في ذلك مباحث وأصول وتفريع.
قال دانيال: رؤيا البحور مطلقاً تؤول بالخليفة أو السلطان أو عالم فاضل يستفاد من علمه، فمن رأى بحراً رائقاً هادئاً فإنه ملك عادل دين، وإن كان بخلاف ذلك فتعبيره ضده.
ومن رأى: أنه شرب منه فإنه يحصل له مما ينسب إليه ذلك البحر خير ومنفعة.
ومن رأى: أنه شرب البحر جميعه فإنه ينال ملكاً عظيماً إن كان أهلاً لذلك.
ومن رأى: أنه نزل بحراً وغاص فيه إلى أن وصل إلى قاعه وتلوث من طينه فإنه يصل إليه من سلطان هم وغم.
ومن رأى: أنه نزل بحراً وهو يعوم فإنه يحبس.
ومن رأى: أنه يعوم في بحر ولا يجد له مخلصاً ولا يرى برا فإنه حصول مصيبة عن ملك عظيم حتى لا يمكن خلاصه منها.
ومن رأى: أنه غرق في البحر ثم نجا منه فإنه يغرق في أمور الدنيا ومحنها ثم يتخلص من ذلك.
ومن رأى: أنه ينظر إلى بحر من بعيد ولم يقرب منه فإنه يؤمل أملاً ولا يصل إليه.
ومن رأى: أنه سار على وجه البحر ولم تبتل قدماه فإنه ينجو من نار الجحيم ويكون في الدنيا مصلحاً.
ومن رأى: أنه يشرب من البحر وهو بارد فإنه يحصل بينه وبين أحد خصومة، وإن كان عالماً فإنه يحصل له من العلم ما هو غرضه، وإن كان من أخصاء الملك فإنه يعتمد عليه في أموره.
ومن رأى: أنه يشرب من البحر ماء حاراً فإنه حصول مصيبة وهم وغم لقوله تعالى " وسقوا ماء حميماً ". وإن كان كريه الطعم والرائحة فهو حصول غلبة من خصمه، وربما كان نكد عيش من قبل الملك.
ومن رأى: أن البحر يبس فإنه نقص في عسكر الملك، وربما كان هلاكهم.
ومن رأى: أنه شرب بحراً جملة حتى لم ير أنه تأخر منه شيء فإنه يملك ملكاً أو علماً ويظفر به إن كان أهلاً لذلك وإلا فهو حصول ظفر.
ومن رأى: أن شيئاً من حيوان البحر كلمه فإنه يبيح بسر الملك.
ومن رأى: أن ماء البحر هاج وتلاطمت أمواجه واسودت به الدنيا فإنه دليل على الفساد والعصيان وكثرة الإثم والذنوب لقوله تعالى " يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ".
ومن رأى: أنه أخرج من البحر ما يؤكل فإنه حصول رزق من وجه حل.
ومن رأى: أنه شرب من البحر ماء صالحاً فإنه يكتسب مالاً من وجه حرام والعذب مال حلال.
ومن رأى: أنه أخرج شيئاً من البحر سواء كان من أنواع المعادن أو الجواهر أو غيره مما لم ينكر مثله في اليقظة فهو حصول خير ومنفعة، وأما ما ينكر مثله فهو ظفر، وإن كان أهل العلم فإنه زيادة في علمه.
ومن رأى: أنه أخرج شيئاً مؤذياً فإنه يملك عدو الملك.
وبالمجمل فإن رؤيا البحر يؤول على ستة أوجه: ملك ورئيس وعالم وعلم ومال وشغل كبير. وقيل رؤيا البحر تدل على رجل جليل كريم، وقد قال بعض الشعراء:
سخي العطايا والمواهب كفه ... يزيد على البحر المحيط إذا عطا
ويبس البحر العذب موت الخليفة والبحر العالي هم وفتنة وطغيان لقوله تعالى " إنا لما طغى الماء " الآية.
والغرق يدل على ارتكاب معصية كبيرة وإظهار بدعة والموت في الغرق يدل على الموت على غير الإسلام، وربما يدل على غرق الإنسان في البحر على هلكة من جهة السلطان.
ومن رأى: كأنه غرق وجعل يغوص مرة ويطفو أخرى ويحرك يديه فإنه ينال منزلة ودولة.
ومن رأى: أنه نزل البحر ثم خرج منه فإنه يرجع في أمر الدنيا إلى الدين والصلاح، وربما كان الغرق سفراً في سلامة. وقيل من رأى أنه واقف على سطح بحر فإنه يصيب شيئاً من السلطان لم يرجه.
ومن رأى: أن البحر ارتفع من الأرض فهو سلطان غشوم ظالم.
ومن رأى: أن البحر نقص وصار خليجاً فإن الشيطان يضعف ويذهب عن تلك البلاد ويصيب الناس خيراً.
ومن رأى: أنه دخل بحراً فإنه قابل على أمر السلطان، وإن كان مريضاً اشتد مرضه.
ومن رأى: أنه خرج من البحر فإنه يصيب من السلطان خيراً ويذهب عنه الهم والغم.
ومن رأى: أنه يسبح في البحر فإنه مرض أو هم من قبل السلطان فإن خرج منه شفاه الله تعالى وفرج همه.
ومن رأى: أنه قطع بحراً إلى الجانب الآخر يقع في هم وخوف ويسلم منه وقيل إنه نجاة.
ومن رأى: أنه يجوز بحراً فإنه يسافر ويذهب همه ويلقي خيراً.
ومن رأى: أن بحراً طامياً حال بينه وبين الطريق، فإن كان مسافراً فإنه يقطع الطريق، وربما كان عاقة من قبل السلطان أو كربة.
ومن رأى: أن البحر غمره فإنه يصيب هماً غالباً ولا سيما إذا كان ماؤه عكرا وفيه وحل.
ومن رأى: أنه سبح في بحر فإنه يعالج أمراً هو فيه ويكون محبوساً في ذلك الأمر ويطول عليه بقدر ما يعالج في السباحة.
ومن رأى: أنه غاص في البحر وغاب ورأى مع ذلك شدة فإنه يخاف عليه الموت من أيدي الناس أو يموت شهيداً لأن الغريق شهيد، وربما كان موته فجأة وعليه خطايا لقوله تعالى " مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا ناراً ".
ومن رأى: أنه غرق في بحر فهو يغرق في هم الدنيا لقول بعض العرب فلان غرق في النعيم.
ومن رأى: أنه يغوص في بحر لاطلاع شيء منه فإنه يسعى في أمر ويكون مبلغه من ذلك بقدر ما طلع به.
ومن رأى: أنه يأخذ ماء من البحر نال من السلطان مالاً أو جمع علماً على قدر إصابته من الماء.
ومن رأى: أنه أخذ الماء من البحر فمنع فتعبيره ضده. وقيل رؤيا دجلة تؤول بالخليفة.
ورؤيا الفرات تؤول بملك الروم.
ورؤيا سيحون تؤول بملك الهند.
ورؤيا جيحون تؤول بملك خراسان.
ورؤيا النيل تؤول بملك مصر.
ومن رأى: أن بحراً سائراً قد وقف فإنه تعطيل أحوال الملك.
ومن رأى: أن بحراً طلع بمكان لم يعهد فيه فإن الملك يجتاز به أو جنده.
وأما البحر إذا كان من دم فإنه يدل على فتنة يحصل فيها سفك الدماء.

تفسير منام فصل في البحار في رؤيا البحور والأنهار والسواقي والآبار والسيول والبرك والمياه
للعوده لفهرس تفسير الأحلام لإبن شاهين


شاهد المزيد ..
تعليقات (0)


غير متصل بالإنترنت !